سورة يوسف - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{ما كان لنا أنْ نشرك بالله من شيء} يريد: إنَّ الله سبحانه عصمنا من أن نشرك به {ذلك من فضل الله علينا} أَيْ: اتِّباعنا للإِيمان بتوفيق الله تعالى وتفضُّله علينا {وعلى الناس} وعلى مَنْ عصمه الله من الشِّرك حتى اتَّبع دينه {ولكنَّ أكثر الناس لا يشكرون} نعمة الله بتوحيده، والإِيمان برسله، ثمَّ دعاهما إلى الإِيمان، فقال: {يا صاحبي السجن} يعني: يا ساكنيه: {أأرباب متفرِّقون} يعني: الأصنام {خير} أعظم في صفة المدح {أم الله الواحد القهار} الذي يقهر كلَّ شيءٍ.
{ما تعبدون من دونه} أنتما ومَنْ على مثل حالكما من دون الله {إلاَّ أسماءً} لا معانيَ وراءها {سميتموها أنتم}، {إن الحكم إلاَّ لله} ما الفصلُ بالأمر والنَّهي إلاَّ لله {ذلك الدين القيم} المستقيم {ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون} ما للمطيعين من الثَّواب، وللعاصين من العقاب، ثمَّ ذكر تأويل رؤياهما بقوله: {يا صاحبي السجن أمَّا أحدكما فيسقي ربَّه خمراً وأمَّا الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} فقالا: ما رأينا شيئاً، فقال: {قُضِيَ الأمر الذي فيه تستفتيان} يعني: سيقع بكما ما عبَّرت لكما، صدقْتُما أم كذبتما.
{وقال} يوسف {للذي ظنَّ} علم {إنَّه ناج منهما} وهو السَّاقي: {اذكرني عند ربك} عند الملك صاحبك، وقل له: إنَّ في السِّجن غلاماً محبوساً ظلماً {فأنساه الشيطان ذكر ربه} أنسى الشَّيطان يوسف الاستغاثة بربِّه، وأوقع في قلبه الاستغاثة بالملك، فعوقب بأن {لبث في السجن بضع سنين} سبع سنين، فلمَّا دنا فرجه وأراد الله خلاصه رأى الملك رؤيا، وهو قوله: {وقال الملك إني أرى...} الآية. فلمَّا استفتاهم فيها.
{قالوا أضغاث أحلام} أحلامٌ مختلطةٌ لا تأويل لها عندنا {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} أقرُّوا بالعجز عن تأويلها.
{وقال الذي نجا منهما} وهو السَّاقي {وادَّكر بعد أمةٍ} وتذكَّر أمر يوسف بعد حين من الدَّهر: {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} فأُرسل، فأتى يوسف فقال: {يوسفُ} أَيْ: يا يوسف {أيها الصديق} الكثير الصِّدق، وقوله: {لعلي أرجع إلى الناس} يعني: أصحاب الملك {لعلهم يعلمون} تأويل رؤيا الملك من جهتك.


{قال تزرعون} أَيْ: ازرعوا {سبع سنين دأباً} متتابعةً، وهذا السَّبع تأويل البقرات السِّمان {فما حصدتم} ممَّا زرعتم {فذروه في سنبله} لأنَّه أبقى له وأبعد من الفساد {إلا قليلاً ممًّا تأكلون} فإنَّكم تدوسونه.
{ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد} مُجدباتٌ صعابٌ، وهذه تأويل البقرات العجاف {يأكلن} يُفنين ويُذهبن {مَا قدَّمتم لهن} من الحَبِّ {إلاَّ قليلاً ممَّا تحصنون} تحرزون وتدَّخرون.
{ثمَّ يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} يمطرون ويخصبون حتى يعصروا من السِّمسم الدُّهن، ومن العنب الخمر، ومن الزَّيتون الزَّيت، فرجع الرَّسول بتأويل الرُّؤيا إلى الملك، فعرف الملك أنَّ ذلك تأويلٌ صحيحٌ، فقال: {ائتوني} بالذي عبَّر رؤياي، فجاء الرَّسول يوسف، وقال: أجب الملك فقال للرسول: {ارجع إلى ربك} يعني: الملك {فسله} أن يسأل {ما بال النسوة} ما حالهنَّ وشأنهنَّ، ليعلم صحَّة براءتي ممَّا قُذفت به، وذلك أنَّ النِّسوة كنَّ قد عرفن براءته بإقرار امرأة العزيز عندهنَّ، وهو قولها: {ولقد رَاودْتُه عن نفسِهِ فاستعصم} فأحبَّ يوسف عليه السَّلام أن يُعلم الملك أنَّه حُبس ظلماً، وأنَّه بريءٌ ممَّا قُذِف به، فسأله أن يستعلم النِّسوة عن ذلك {إن ربي بكيدهنَّ} ما فعلن في شأني حين رأينني وما قلن لي {عليم} فدعا الملك النِّسوة.


{ما خطبكنَّ} ما قصتكنَّ وما شأنكنَّ {إذ راودتنَّ يوسف عن نفسه} جمعهنَّ في المُراوَدة؛ لأنَّه لم يعلم مَنْ كانت المُراوِدة {قلن حاشَ لله} بَعُدَ يوسف عمَّا يُتَّهم به {ما علمنا عليه من سوء} من زنا، فلمَّا برَّأْنَهُ أقرَّت امرأة العزيز فقالت: {الآن حصحص الحق} أَيْ: بان ووضح، وذلك أنَّها خافت إنْ كذَّبت شهدت عليها النِّسوة فقالت: {أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} في قوله: {هي راودتني عن نفسي} {ذلك} أَيْ: ما فعله يوسف من ردِّ الرَّسول إلى الملك {ليعلم} وزير الملك- وهو الذي اشتراه- {إني لم أخنه} في زوجته {بالغيب وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين} لا يرشد مَنْ خان أمانته، أَيْ: إنَّه يفتضح في العاقبة بحرمان الهداية من الله عزَّ وجلَّ، فلمَّا قال يوسف عليه السَّلام: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب} قال جبريل عليه السَّلام: ولا حين هممت بها يوسف، فقال: {وما أبرئ نفسي} وما أُزكِّي نفسي {إنَّ النفس لأمَّارة بالسوء} بالقبيح وما لا يحبُّ الله {إلاَّ ما} مَنْ {رحم ربي} فعصمه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8