{ما كان لنا أنْ نشرك بالله من شيء} يريد: إنَّ الله سبحانه عصمنا من أن نشرك به {ذلك من فضل الله علينا} أَيْ: اتِّباعنا للإِيمان بتوفيق الله تعالى وتفضُّله علينا {وعلى الناس} وعلى مَنْ عصمه الله من الشِّرك حتى اتَّبع دينه {ولكنَّ أكثر الناس لا يشكرون} نعمة الله بتوحيده، والإِيمان برسله، ثمَّ دعاهما إلى الإِيمان، فقال: {يا صاحبي السجن} يعني: يا ساكنيه: {أأرباب متفرِّقون} يعني: الأصنام {خير} أعظم في صفة المدح {أم الله الواحد القهار} الذي يقهر كلَّ شيءٍ.{ما تعبدون من دونه} أنتما ومَنْ على مثل حالكما من دون الله {إلاَّ أسماءً} لا معانيَ وراءها {سميتموها أنتم}، {إن الحكم إلاَّ لله} ما الفصلُ بالأمر والنَّهي إلاَّ لله {ذلك الدين القيم} المستقيم {ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون} ما للمطيعين من الثَّواب، وللعاصين من العقاب، ثمَّ ذكر تأويل رؤياهما بقوله: {يا صاحبي السجن أمَّا أحدكما فيسقي ربَّه خمراً وأمَّا الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} فقالا: ما رأينا شيئاً، فقال: {قُضِيَ الأمر الذي فيه تستفتيان} يعني: سيقع بكما ما عبَّرت لكما، صدقْتُما أم كذبتما.{وقال} يوسف {للذي ظنَّ} علم {إنَّه ناج منهما} وهو السَّاقي: {اذكرني عند ربك} عند الملك صاحبك، وقل له: إنَّ في السِّجن غلاماً محبوساً ظلماً {فأنساه الشيطان ذكر ربه} أنسى الشَّيطان يوسف الاستغاثة بربِّه، وأوقع في قلبه الاستغاثة بالملك، فعوقب بأن {لبث في السجن بضع سنين} سبع سنين، فلمَّا دنا فرجه وأراد الله خلاصه رأى الملك رؤيا، وهو قوله: {وقال الملك إني أرى...} الآية. فلمَّا استفتاهم فيها.{قالوا أضغاث أحلام} أحلامٌ مختلطةٌ لا تأويل لها عندنا {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} أقرُّوا بالعجز عن تأويلها.{وقال الذي نجا منهما} وهو السَّاقي {وادَّكر بعد أمةٍ} وتذكَّر أمر يوسف بعد حين من الدَّهر: {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} فأُرسل، فأتى يوسف فقال: {يوسفُ} أَيْ: يا يوسف {أيها الصديق} الكثير الصِّدق، وقوله: {لعلي أرجع إلى الناس} يعني: أصحاب الملك {لعلهم يعلمون} تأويل رؤيا الملك من جهتك.